التاسع عشر من سبتمبر - هو يوم من أيام بطولاتنا و أمجادنا في محافظة البحيرة .. هو يوم فخار سجله شعب محافظة البحيرة في رشيد .. حين هب أبناء هذا الوطن يدفعون قوي البغي و يقاومون ضراوة الغاصب المستعمر الغازي. هو يوم رحل فيه الإنجليز عن مصر بعد هزيمتهم علي ارض البحيرة في رشيد .. في معركة يحكيها التاريخ التاسع عشر من سبتمبر سنة ألف و ثمانمائة و سبع. ف " فريزر" هو قائد جيش الإنجليز في حملة استعمارية أرادت بريطانيا أن تحقق بها نفوذها علي وادي النيل و كانت تأمل بها تأمين الطريق إلي الهند بعد أن أدركت خطورة موقع مصر منذ حملة نابليون علي مصر.. و كانت تأمل أيضا إغاظة تركيا (كانت مصر إحدى ولاياتها آنذاك) لان تركيا كانت متعاطفة مع فرنسا في صراعها ضد انجلترا.
و وجهت انجلترا أسطولها الذي احتوي علي 25 سفينة تحمل ما يزيد علي سبعة آلاف مقاتل بقيادة الجنرال فريزر حيث نزلت هذه القوة غرب الإسكندرية ( العجمي ) يوم 17 مارس 1807 و تقدمت القوة المعتدية و استولت علي الإسكندرية يوم 21 مارس بسهولة و يسر بسبب خيانة حاكمها التركي آنذاك " أمين أغا " ثم عزم علي التحرك للاستيلاء علي مصر , حيث أنقذ فريزر كبير قواده الجنرال "ويكوب" علي رأس قوة من 2000 من جنوده يوم 29 مارس لاحتلال رشيد. و لم يكن محمد علي حاكم مصر في ظروف تمكنه من مواجهه قوات الحملة, حيث كان مشغولا في حروبه مع المماليك و استطاع محمد علي ان ينتصر عليهم مستعينا بقوة شعب البحيرة في معركة دمنهور ثم بمعركة النجيلة ( كوم حمادة ) ثم إذا ما انتقلت معاركه مع المماليك إلي الوجه القبلي داهمته الحملة الإنجليزية و هو في أسيوط.
و هنا وجد الشعب المصري نفسه مسئولا عن حماية ترابه الوطني و الزود عن حماه , لاسيما بعدما شاهد خيانة الحاكم التركي بالإسكندرية فتأهب أبناء رشيد و محافظها حينئذ علي بك السلانكلي و كان رجلا شجاعا غيورا فقرر الجهاد لحماية مدينته و اتخاذ عددا من القرارات الحاسمة فأمر بأبعاد مراكب التعدية إلي البر الشرقي للنيل ( رشيد في الغرب ) حتى لا يفكر الجنود في الهروب عند المواجهة. و قرر الاستعانة بالأهالي في الدفاع عن المدينة , فلا يجعلهم بمعزل عن الأحداث و بني خطته علي ان يلتحم الجند بالأهالي فيكونون وحدة واحدة في الزود عن الحمي.. فدخل في كل بيت جندي من جنود رشيد , و أمر ألا يبدأ القتال إلا إذا أصدر لهم إشارة إطلاق النار .. و لما وصل الإنجليز إلي رشيد و لم يجدوا مقاومة في مداخلها ظنوا انسحاب حاميتها فدخلوا إلي شوارعها مطمئنين , لكنهم فوجئوا بإصدار الأمر بالقتال فاقتحمهم الرصاص من كل ناحية و من النوافذ و من السطوح و سقط الكثير منهم قتلي , و دب الرعب فيهم و لاذ منهم بالفرار عدد كبير و قد خلفوا وراءهم 170 قتيلا و بينهم قائدهم ويكوب و 250 من الجرحى و 120 أسيرا . فسجل التاريخ لأهل رشيد هذا الانتصار العظيم الذي رفع معنويات شعب مصر في كل الأنحاء.
معركة الحماد
و حاول الإنجاز الانتقام فكلف " فريزر " مساعده الجنرال سنورات بالزحف إلي رشيد من جديد فتحرك في 12 ابريل علي رأس 4000 مقاتل مزودين بالمدافع و الأسلحة و الذخائر عند الحماد جنوبي رشيد و عسكر بقية الجيش جنوب و غرب رشيد لحصارها و راحوا يضربون رشيد بالمدافع بقسوة و وحشية و قامت معركة حامية في الحماد قتل فيها 416 إنجليزيا و أسر 400 غيرهم. فانسحب الإنجليز من رشيد متجهين إلي الإسكندرية في سرية فتعقبهم المصريون.
الجلاء
و صار حاكم مصر محمد علي بجيشه من إمبابة إلي الرحمانية ثم دمنهور حيث وصل إليها في 12 أغسطس 1807 و أبرم معاهدة صلح مع الجنرال شروبك في 14 سبتمبر تم بمقتضياتها جلاء الإنجليز عن مصر مقابل استرداد أسراهم و جرحاهم و تم رحيلهم في 19 سبتمبر . و بذلك طويت صفحة مشرقة من صفحاته لأبناء رشيد و أبناء البحيرة. و يحق لشعب البحيرة أن يخلد هذا النصر العظيم من يوم 19 سبتمبر عيدا قوميا. تهنئة إلي شعب البحيرة في عيدها القومي و تحية إلي مدينة رشيد في ذكري انتصارها العظيم.
حفظ الله مصر جيشا وشعبا
ردحذفوتهنئة إلى أهل البحيرة عامة وأهل رشيد خاصة